٠٨‏/١٠‏/٢٠٢٤، ٣:٥٢ ص

د.طلال عتريس في حوار مع وكالة مهر:

الضربة الإيرانية أيقظت نتنياهو من نشوته وأعادت الكيان لحجمة الطبيعي

الضربة الإيرانية أيقظت نتنياهو من نشوته وأعادت الكيان لحجمة الطبيعي

صرح أستاذ علم الاجتماع السياسي، "د.طلال عتريسي" أن "ايران وجهت صفعة على طريق اعادة الكيان الصهيوني الى حجمه السابق، واعادت فرض توازن جديد لن يسمح فيه ل"إسرائيل" بأن تستمر وبان تكون هي صاحبة المبادرة او ان تكون لها  اليد العليا او القرار في منطقة الشرق  الاوسط".

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: خطبة استثنائية في ظروف دقيقة وتحديات خطيرة، اطل علينا كنور محمدي علوي حسيني ليمسح عن قلوبنا القلق وينير الدرب بنقاط استراتيجية للوصول الى النصر المؤزر.

رغم كل التهديدات ألقى سماحة الامام السيد القائد علي الخامنئي (دام ظله) كلمته التاريخية الهامة والتي ناقشت مضامينها، مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع أستاذ علم الاجتماع السياسي والباحث في الشؤون الاقليمية، "د.طلال عتريسي" وجاء نص الحوار على النحو التالي:

وُصِفَت خطبة الجمعة بأنها تاريخية وأنها مثقلة بالدلالات السياسية والاستراتيجية، وقبل البحث في تفاصيلها هل يمكن ان نتوقف عند اهمية هذه الحشود المليونية، وقرار السيد القائد امامة صلاة الجمعة، وبالتالي الاهتمام العالمي بمتابعة مواقفه؟ وهل يمكن القول أن ذلك كان بمثابة رد على شائعات الانقسام والتردد في القرار الايراني؟

عندما يقرر السيد القائد القاء خطبة الجمعة في هذه الظروف السياسية والامنية والتوترات في المنطقة والتهديدات الموجهة الى ايران، وما يجري في لبنان وفلسطين، فهذا يعني ان السيد القائد يريد اعلان المواقف المهمة خصوصا وان الخطبة لها تقليد في المفهوم الاسلامي من حيث اشتمالها على المواقف والتوجيهات وما يتعلق بقضايا الامة، وليس فقط بقضايا ايران وحدها، لهذا السبب جاء الاعلان عن هذه الخطبة ومشاركة السيد القائد فيها قبل ايام لتوجيه الاهتمام الدولي وليس الداخلي فقط الى ما سيقال بهذه الخطبة، بمعنى انها ستحمل رسائل للعالم كافة، ومن هنا كانت الدعوة والاعلان عنها قبل وقت من حصولها.

والحشود التي شاركت في صلاة الجمعة وهي حشود ربما فاقت التوقعات، لان البعض ظن ان الشعب الايراني ربما يكون غير مهتم بما سيحصل في الخارج، او ان السلطة الجديدة في ايران ليست مهتمة بالقدر الكافي بما يجري على مستوى لبنان وفلسطين، هذه الشائعات التي ترددت كثيرا في الاسابيع الماضية، هذه الحشود ووجود المسؤولين قطع دابر كل هذا النقاش، واثبت ان الشعب الايراني مهتم اولا بأن يسمع ما سيقوله القائد وعن التطورات التي تحصل في المنطقة خصوصا وفي العالم عموما، وهذا فعليا ما جاء في خطاب القائد عندما تناول الاوضاع المختلفة واعلن المواقف الايرانية الثابتة منها.
ولا يجب ان ننسى ان العدو الاسرائيلي قام بعدوانه على لبنان اولا باغتيال القائد شكر في الضاحية الجنوبية وفي نفس الليلة قام فجرا بالاعتداء على سيادة العاصمة طهران واغتيال الشهيد اسماعيل هنية في نفس يوم تسلم منصب الرئاسة للرئيس بزشكيان، يعني ربما كان يعتقد العدو بأن ايران تمر في مرحلة انتقالية وان القرار لم يتشكل بعد، وان الرئيس الجديد لا يزال في موقع انتقالي ولا يستطيع اتخاذ قرارات، وبالتالي هو يستطيع ان يوجه مثل هكذا ضربات الى ايران في هذه اللحظة، وربما فسر البعض تأخر الرد الايراني بأن ايران صرفت النظر عن الرد، وسرت شائعات كثيرة في هذا المجال، اعلان السيد القائد عن خطبة الجمعة كان بشكل غير مباشر رد على ان القرار موحد ومركزي في إيران وقرار تشارك فيه كل الاجهزة المعنية في مجلس الامن القومي وعلى مستوى الدوائر الاخرى في داخل ايران.

البعض توقف عند الدلالات العميقة والشجاعة في ظهور القائد امام هذه الحشود في هذه المرحلة الحساسة وفي اجواء التهديدات المتصاعدة للصهاينة واعوانهم.. فهل اراد القائد ان يرد على ما اشاعته ابواق الدعاية الصهيونية والاميركية حول نية استهدافه ؟

ظهور السيد القائد ينسجم تماما مع مواقفه السابقة والعزم الذي يحمله في مواجهة التحديات الكبيرة، وقد شهدنا له مواقف مماثلة على مستوى تحديات داخلية خطيرة حصلت في عام 2009 في فترة الانتخابات والتهديدات الكبيرة التي طالت اصل النظام وطبيعة النظام، وكانت مفتوحة على تدخلات خارجية ومخاطر حقيقية، خرج الامام القائد ليتحدث مباشرة واثناء تلك الازمة، وبالتالي القائد ليس بجديد عليه ان يخرج ويتحدث الى الناس وهذه قاعدة ايضا في العلاقة مع الناس في ظل تهديدات اطلقتها المؤسسة العسكرية والسياسية في الكيان الصهيوني، من تهديد بالاغتيال الى التهديد بقصف مراكز ومنشآت حيوية الى تهديد بقصف البرنامج النووي، والاعلان عن مشاركة القائد في خطبة الجمعة هو رد مباشر على كل هذه التهديدات وان ايران لا تخشى مثل هكذا تهديدات، وان القائد يخرج بشكل علني وكأنه يتحدى التصريحات "الاسرائيلية" على المستويات كافة بأنها لن تجرؤ على تنفيذ تهديداتها ضد ايران وضد السيد القائد.

ماذا يعني ان يؤكد قائد الثورة الإسلامية على شرعية عملية الوعد الصادق، والاستعداد للتعامل مع التهديدات الخارجية بالطريقة المناسبة وبدون تردد أو انفعال؟

تأكيد السيد القائد على شرعية الوعد الصادق هو ما تؤكده في الوقت نفسه كل الاجهزة السياسية والديبلوماسية في إيران، باعتبار ان ما حصل من اعتداء واغتيال للشهيد اسماعيل هنية هو اعتداء مباشر على سيادة ايران وهذا باعتراف كل المواثيق الدولية والقوانين الدولية والامم المتحدة وغيرها من هيئات دولية من ان مثل هكذا اعتداء هو انتهاك للسيادة ومن حق الدولة المعتدى عليها ان ترد بنفس الطريقة، هذا ما كانت ايران حريصة عليه، وربما هذا احد اسباب التأخر في الرد ، والسيد يؤكد مجددا ان ما قامت به ايران هو حق مشروع بغض النظر عن حجمه وقوته والاثار المدمرة للمواقع العسكرية والمطارات وغيرها، ايضا يجب ان نلاحظ هنا ان هذا الرد المشروع استهدف بنى ومؤسسات عسكرية ولم يستهدف منشآت مدنية او مستوطنين ، اذن القائد في اطار التحدي يتحدث عن مشروعية الرد وفي نفس الوقت يدمج بين امرين الامر الاول هو اننا نعمل بحكمة وتعقل ومن دون انفعال ومن دون تسرع، وهذا لكي يشرح ربما لماذا تأخر الرد، وثانيا ان ايران لن تسمح بأي اعتداء محتمل من دون ان يكون هناك رد مضاعف وهذا لكي تستعيد ايران مفهوم الردع وتوازن الردع لا وبل غلبة الردع مع الكيان الصهيوني.

ايران عندما تريد ان تقوم بعمل تفعل ذلك علانية وفي وضح النهار ولا تخشى الاعلان عنه.. بعكس ما يقوم به الكيان من اعتداءات خبيثة.. فماذا يعني ذلك على صعيد قوة ايران وصورتها في المنطقة والعالم ؟

ايران لم تقم بعمل عدواني ولم ترسل طائراتها لاغتيال شخصية سياسية اصلا، اسماعيل هنية كان شخصية سياسية ولم يكن مقاتلا، ايران اصلا هي اعلنت انها سترد ولكن طبعا لم تقل متى سترد، لكن كل اجهزة الرصد والاستخبارات الدولية والاميركية تحديدا كانت تراقب حركة ايران، واعلن الامريكيون قبل عشر ساعات تقريبا بأن ايران تستعد للرد، وهذا طبعا يكون في خدمة الكيان الصهيوني، رغم ذلك ايران ردت وهي التي كانت اعلنت ان العدو يجب ان يتوقع مثل هذا الرد بمعنى ان ايران على الرغم من طبيعة العدوان الصهيوني عملت تحت سقف الاطر القانونية ووجهت ضربة الى المنشآت العسكرية والى قواعد الطائرات، وهذا فرق بين الالتزامات القانونية والاخلاقية للجمهورية الاسلامية وبين التوحش الصهيوني المدعوم من الغرب الذي يبرر له كل ما يقوم به من جرائم.

هل ترون ان ايران جددت ثوابت ثورتها في الوقوف الى جانب شعوب المنطقة وخصوصا في فلسطين، في خطبة الامام الخامنئي في صلاة الجمعة؟ وهل يعني ذلك على ضوء التطورات الاخيرة انها منخرطة في الصراع ولن تسمح بتعديل موازين القوى لمصلحة كيان الاحتلال؟

ايران لا يمكن الا ان تكون منخرطة في الصراع الذي جدد السيد القائد ثوابته في خطبة الجمعة، نحن نعرف ان محور المقاومة كما تجلى في جبهة الاسناد يحظى بدعم قوي ومباشر من ايران وان اي اضعاف لهذا المحور يعني بشكل غير مباشر اضعاف لايران وهو انتصار للمشروع الصهيوني وهو انتصار لمشروع الهيمنة في الغرب، وايران التي تنطلق من مشروع حضاري انساني لمواجهة المشروع الغربي والتوحش الغربي، لا بد لها في اطار هذا المشروع الحضاري من دعم حركات المقاومة لاضعاف الكيان وانهاء الكيان الصهيوني كمقدمة لانهاء واضعاف المشروع الغربي في المنطقة وحتى في العالم، ولهذا السبب ايران وعلى لسان السيد القائد اعلنت انها ملتزمة بثوابت دعم قضية فلسطين، وبثوابت العداء للكيان الصهيوني، في هذا الاطار من رؤيتها الحضارية ومن مشروعها الحضاري الذي تتعرض فيه ايران لمواجهات وتحديات وتقدم وتأخر وخسارة شخصيات وقادة، لكن هذا من ضمن منظور وضعته ايران لنفسها منذ انتصار الثورة الاسلامية.

وعندما تقوم ايران بالرد وبهذه الطريقة القوية التي حصلت، هذا في حقيقة الامر وجه صفعة قوية لنتنياهو تحديدا الذي شعر بالغطرسة وبالانتصار في الاسابيع الماضية بعدما حقق من انجازات وابرزها اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، شعر بأن لا شيء يقف امامه الى درجة انه وجه خطاب للشعب الايراني وهذا غير مسبوق بتاريخ هذا الكيان منذ انتصار الثورة الاسلامية اصلا، وارسل تهديدات بأنه سيقصف البرنامج النووي الايراني، لهذا السبب الضربة الايرانية كانت صفعة الى نتنياهو لكي يستفيق من النشوة التي يعيش فيها. مباشرة اتى الاميركي وتواصل معه الاميركي وبدأ يبحث معه ماذا سيفعل وكيف سيرد واين سيرد، يعني ان الكيان فقد في لحظة واحدة القدرة على استمرار المبادرة وكان بحاجة الى حضور الاميركي الى جانبه، وهذا ما يحصل دائما، الاسرائيلي من دون الاميركي لا شيء، نعم ايران وجهت صفعة على طريق اعادة الكيان الصهيوني الى حجمه السابق، واعادت فرض توازن جديد لن يسمح فيه لإسرائيل بأن تستمر وبان تكون هي صاحبة المبادرة او ان تكون لها اليد العليا او القرار في منطقة الشرق الاوسط.

لماذا تعمد السيد القائد اظهار العلاقة الخاصة التي تجمعه بالسيد الشهيد السيد حسن نصرالله، بحيث اغدق عليه من الصفات العظيمة والتقييم الدقيق لدوره المفعم بالعاطفة الصادقة؟ وهل استطاع السيد ان يترجم مبدأ تحويل التهديد الى فرصة في بث روح الصبر واستمرار المقاومة في بيئة المقاومة في لبنان؟

لا يخفى على كثير من الناس طبيعة العلاقة الخاصة بين الشهيد السيد نصر الله وبين السيد القائد، كان السيد نصر الله يتحدث دائما عن هذه العلاقة ويدعو دائما الى طاعة الولي الفقيه والثقة بالولي الفقيه وبالدور العظيم الذي يقوم به الولي الفقيه، من جهته ايضا السيد القائد لديه رسائل بعد 2006 وفي مناسبات اخرى يشيد فيها بالسيد نصر الله والجميع يعلم اهمية السيد نصر الله من جهة السيد القائد وبالنسبة لمحور المقاومة ككل، كان شخصية استثنائية يعتمد عليها وكان السيد القائد يعتمد عليه في ادارة هذا المحور وفي متابعة كل التفاصيل المتعلقة بهذا المحور، وبالتالي السيد القائد اكد على هذه العلاقة، والمواصفات الخاصة التي تحدث به عنه ليؤكد ليس فقط حزنه على السيد نصر الله وانما ليؤكد التزامه بقضية السيد نصر الله وبالرد على الاغتيال الذي حصل له، لان المناسبة ليست مناسبة ابداء العواطف على اهميتها وانما المناسبة هي اعلان المواقف الاساسية تجاه ما حصل وتجاه ما سيحصل ايضا في المستقبل القريب.

خطاب السيد القائد الإمام الخامنئي جاء ايضا بعد الضربة القاصمة للقوات المسلحة الإيرانية لمطارات العدو العسكرية ومراكزه الحساسة.. فهل استطاعت إيران ان تعيد فعلا صورة ميزان الردع بعد ما ادعاه العدو من انتصارات تكتيكية في لبنان وغزة ؟

يبقى اخيرا ان الضربة التي وجهتها ايران الى الكيان كما ذكرنا اعادت اسرائيل للتفكير مجددا بماذا ستفعل، وعندما تفكر بماذا ستفعل ستلجأ الى الاميركي يعني ان نظام الردع لم يعد كما كان، لم تعد "اسرائيل" تتصرف كما تشاء، نحن الان امام مرحلة جديدة بكل ما للكلمة من معنى بعد رد ايران، كنا في مرحلة سابقة بعد الاغتيالات التي حصلت واغتيال السيد نصر الله بدأنا مرحلة جديدة كانت "إسرائيل" هي المتقدمة فيها، بعد الرد الايراني اصبحنا امام مرحلة جديدة لم تتضح معالمها النهائية بعد، تلقت "اسرائيل" ضربة كبيرة فيها، الان السؤال المطروح في هذه المرحلة الجديدة اذا رد الكيان الاسرائيلي على ايران كما هو متوقع بالتعاون مع الاميركي كيف سيكون طبيعة الرد الايراني، هذه هي المرحلة الجديدة وهذه هي الاسئلة المفتوحة التي اما ان تجعل هذا الكيان يعود ويتراجع الى المواقع السابقة وان تكون يد ايران هي العليا في المنطقة، هذه هي الاسئلة المحتملة والتي ان شاء الله ستغير طبيعة الشرق الاوسط من خلال رد ايران وليس كما يدعي نتنياهو انه هو سيغير الشرق الاوسط.

/ انتهى/

رمز الخبر 1949354

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha